القراءة الحداثية للقرآن الكريم في الغرب الإسلامي عبد المجيد الشرفي ومدرسته أنموذجا

Abstract

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين. خص الله الأمة الإسلامية بالقرآن الكريم، كتابه المن ّزل على رسوله صلى الله عليه وسلم، وجعل فيه فلاح الأمة ونجاتها. وقد اهتم المسلمون منذ البداية بفهمه والبحث عن معانيه، ففهم آياته كفيل بفهم خطاب الله للبشرية عامة وللمؤمنين، والفهم يورث العمل بمقتضى أوامر الله ونواهيه. وفي خضم هذا الاهتمام، وضع علماء المسلمين تفاسير للقرآن الكريم، حاولوا فيها فهم آياته وتفسير مشكله. وقد كانت هذه التفاسير تتبع منهجا قويما يلتزم بما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وعن صحابته والتابعين من القرون الأولى التي شهدت التنزيل، أو كانت على علاقة مباشرة بمن شهدوه. والمطلع على التراث التفسيري للأمة الإسلامية يعجب من تنوع هذه التفاسير وموسوعيتها، لكنه يلاحظ التزامها بأصول وقواعد أساسية تمكن من تجنب الخطأvii والأهواء في التعامل مع كتاب الله. هذه الأصول والقواعد جزء من علم أصول التفسير، الذي يهتم اليوم ثلة من علمائنا بوضع مبادئه والتأصيل له. وبالمقابل لهذا، ظهرت منذ منتصف القرن العشرين قراءة حداثية للقرآن الكريم، يدعي أصحابها محاولة فهم جديد للقرآن، مؤسس على معطيات الحداثة الغربية، وعلى المستحدث من مناهج العلوم الإنسانية الغربية. وقد وضعوا مشاريع متكاملة، لإعادة فهم القرآن والتراث الإسلامي، وكونوا العديد من تلاميذهم لمتابعة العمل في هذه المشاريع. وقد عني هذا البحث بدراسة هذه القراءة الحداثية، وتحديد أصولها واتجاهاتها المنهجية، ومواقفها من القرآن والتفسير وأصوله، مع تخصيص تجربة عبد المجيد الشرفي ومدرسته في تونس بمزيد من التأمل والتقويم